دخلت كوثر المدرسة ثم اتجهت نحو قسم السنة الثالثة ابتدائي فاليوم عليها الإشراف على امتحانهم في اللغة الفرنسية وفور دخولها وزعت الأسئلة ثم شرحتها، وتمنت للتلاميذ حظا موفقا، وجلست على كرسي خشبي عند مكتب قديم ،وفور جلوسها أخرجت قلما ودفترا، وشرعت في الكتابة: "آه وياليت الآه تنفعني فتأوهي هذا ليس إلا دخانا للنار الملتهبة في قلبي، هذه النار التي تقيد، وتتطاير وألسنتها أحيانا فأبدى كشجرة يابسة قصفتها صاعقة، ولم تجد من يطفئها منتظرة الأمطار، وأي أمطار، بل هو رذاذ ما يكاد يطفئني حتى اشتعل أكثر، وهذا الرذاذ هو الأحاسيس الزائفة التي تحيط بنا من كل الجهات، هذه الأحاسيس التي تجعل منا أجسادا من غير أرواح، تسرق منا الفرح والحزن على حد سواء فبعد وقت من الحزن العميق نجد أنفسنا عاجزين عن الشعور بأي شيء، نفس التبلد في الأحاسيس الذي يشبه تنميل الأطراف الذي يحدث لنفس الأسباب، وهي إرسال الكثير من الإشارات العصبية الخاطئة في أماكن خاطئة، الضغط الذي يحدثه كل ما هو مزيف يفقدنا أنفسنا والذي يؤدي بالضرورة إلى فقدان الآخرين، أبرياء كانو أو مذنبين.
هل تعلم ماذا يحدث عندما تكذب بخصوص شيء مهم في علاقة ما؟ أنت بذلك تسرق من الطرف الآخر حرية الاختيار، هل تفعل ذلك ظنا منك أنك تنقذ العلاقة؟ أم هي فقط أنانية لتضمن بقاء الطرف المخدوع بعد أن تعلقه بك؟ لماذا لا يدرك البعض أثر الكذب والتلاعب بأحاسيس الآخرين إلا بعد أن يسلبوا منهم سعادتهم وقدرتهم على الوثوق بأي كائن آخر، لماذا يكون كسر القلوب هينا على بعض أشباه البشر اللؤماء الذين يسلبون الناس حياتهم ثم يدوسون على جثثهم، وهم يغادرون...كتبت كوثر هذه الكلمات، وهي تفكر بشخص واحد فقط، وهو سليم...
كان سليم يعمل بمكتب محاماه مغمور يتخذ صاحبه من غرفته في بيت العائلة مقرا له، كان راتبه لا يتعدى سبعة آلاف دينار جزائري هذا المبلغ الذي لم يكن يكفيه لشراء السجائر والقهوة لعدة مرات في اليوم، كان سليم مدخنا شره لا يفارق فنجان القهوة يده.
لم يكن من محبي النشاط، ولا النهوض باكرا لذلك كان يضبط منبه هاتفه على الساعة الواحدة ظهرا، ويبدأ يومه عندما يشارف يوم عمل زملائه على النهاية. يستهل يومه بسيجارة ورشفة قهوة وقبل أن يفتح أي ملف من ملفات العملاء تكون علبة السجائر قد وصلت الى النصف، يقلب الصفحات بدون تركيز حتى تقع عينه على كلمة تشد انتباهه ليعتبرها رأس خيط حل القضية وحينها فقط يقرر ان يغوص في تفاصيلها حتى تلوح له فكرذلك الحل ليعرضها على الأستاذ محمد الذي لا يختلف عنه كثيرا في حبه للنوم والسجائر، إلا أن الأستاذ محمد يبدأ يومه باكرا، وينهيه بعد صلاة العشاء مباشرة.
يتبع...
بالتوفيق وبانتظار التكملة
أحببتها و بالمناسبة اسمها من إسمي 🤭😍 أنتظر التكملة ❤️
Nice one Farida 🥳💪👍
Bravo continue